الشجاعة تلازم الجهاد
يحتاج من يلبي نداء الجهاد ويسارع في الالتحاق لرص الصفوف وملاقاة العدو، إلى الشجاعة الفائقة وقوة العزيمة، ورسوخ العقيدة، وإن الشجاعة التي يمتلكها المجاهدين، تديم زخم المعركة، وتحافظ على الثبات والصبر في القتال، وترص الصفوف، وتسد الثغور، وتزيد الهمم، والسعي في تحقيق الهدف، وهذا كله لله وفي سبيل الله وطاعته، ولقد سطر لنا التاريخ صور البطولات الفردية التي حول أبطالها أرض المعركة إلى كتاب عنفوان وشمم، ورجولة وإباء، وشرف ونبل، وكم من بطل شجاع قلب موازين المعركة، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، وخير ما يذكر موقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم حنين وصموده وشجاعته وبسالته، وتسعة رجال من بني هاشم، كيف قلب الهزيمة إلى نصر ساحق، وكيف يفتح أمير المؤمنين (عليه السلام) حصون خيبر ويزلزل باليهود، وكيف ثبت الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه يوم كربلاء، أمام ذلك الجمع الكثير، وما شجاعة أبي الفضل أمام حشود البغي إلا أنموذجا فريدا للإنسانية جمعاء. وأما الجبن فيؤدي إلى تمزيق الصفوف وتشتيت الهمم، وضعف الجانب، وبالتالي التضحية بكل القيم والمبادئ، وخسارة الصفقة وفقدان الأحبة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه :( يقول الرجل:جاهدت، ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، ويقاتل أقوام فيحسنون القتال ولا يريدون إلا الذكر والأجر، وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف ومن لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وأمه إلى العدو، وإنما القتل حتف من الحتوف ، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الكلب ليقاتل دون أهله ) .