المعطيات والطموح
إن الصراع الذي يشهدهُ عالمنا في التنافس على تحصيل السبق والتواجد في المقدمة أصبح الشغل الشاغل للجميع، وما نقصدهُ بالجميع ممن انحصرت غاياتهم في تحقيق هذا التقدم والسبق، أما من تعود أن يكون مستهلكاً مما ينتجه الآخرون فهو خارج عن هذا الجمع، ومما لا شك فيه إن هناك جزءً ليس بالقليل إن لم نقل الكثير في مجتمعنا يعيش هذا الخمول وهذا الانقياد للغير، بل هو العيش بصورة طفيلية على الآخر خاصة في جهة الثقافة العامة والمعرفة العلمية ورسم الأهداف، فهذه الشريحة تعيش في حالةٍ من العشوائية واللامبالاة بما هو عليه الواقع الآن، بل أن الادهى من ذلك إن عملية الاجترار المعرفي من الآخرين بدأت تدخل مرحلة جديدة وخطرة ألا وهي مرحلة الذوبان للشخصية ومحاولة تقليد الآخرين من دون أدنى تفكير أو تعقل، وهذا ما نلحظه اليوم في مجتمعنا كظاهرة جلية للعيان ومما يؤسف له أيضاً أن هذا الاستيراد اقتصر في الغالب على ما هو سلبي والذي من شأنه أن يمسخ شخصية الإنسان باطناً وظاهراً.
إن المشكلة التي نعانيها اليوم تكمن في ضعف المعطيات المعرفية للشخصية أي وجود حالة الفراغ أو الضعف المعرفي داخل الشخصية، بالتالي يكون الطموح أكيداً طموحٌ ضعيف يقتصر على العيش في هذه الحياة الدنيا والتلذذ بها ثم الخروج منها من دون أي أثر.
إن من واجبنا كمؤسسات إرشادية حملت على عاتقها تحمل المسؤولية في النهوض بواقع هذا المجتمع هو تعريف كافة شرائح المجتمع وخاصة شريحة الشباب في أن المعطيات التي يملكها هذا المجتمع وإرثه المعرفي يمكنهُ من النهوض بهذا الواقع والذي سيؤدي حتماًً إلى انفتاح بوابة الطموح وتحقيق ما يصبو إليه كل مجتمع يمتلك هذا الإرث العظيم.