عندما يرتفع صوت الحق
تتعاقب الأجيال على أنماط مختلفة من الحياة في هذه الدنيا البسيطة، التي لا تزال صورا، كل يوم صورة تدفع التي قبلها، ونحن فيها، نسير بخطى مضطربة نحو نهاية الصور، تاركين صورنا إلى من يخلفنا، جميلة كانت أم قبيحة، تتخلل تلك الصور صيحات باطلة ينعق بها أهل الباطل لغرض تحقيق أهداف وغايات تخدم الشيطان وحزبه، تسعى في خراب النفوس والديار، فحولت طرق الحق إلى الباطل، والصحيح إلى الفاسد، حتى عمل بعض الناس بالباطل ظنا منهم أنه الحق، وامتنعوا عن الحق ظنا أنه الباطل. وهنا يأتي دور المصلح الحكيم وصرخاته التي تدوي في فضاء الباطل، حتى تهزمه، فتأتي كلماتهم لتجلي رين القلوب، وترفع وقر الأسماع، وتفتح آفاق البصيرة.
بالأمس القريب قرعت طبول إبليس وجنوده في مناطق من العراق، فملؤها زعيقا ونهيقا، ليوهموا من لا عقل له في الانضمام إلى رايتهم الضالة المضلة، وأصبحت أبواق الفتنة يرتفع نهيقها في كل مكان معلنة الحرب على الأبرياء ولا هوادة مع أصحاب الحق، أصحاب الحق في الطرف الآخر يقدم نصحه، ويرأف بالجمع، مقدما بين يديه النصيحة والإرشاد، لكن دون جدوى، لقد طغى الباطل حتى طفح الكيل، عندها تأتي مشاريع المصلح والقادة الحكيم، رافعا صوته بنداءات التوعية صارخا بقول – اتبعوا الحق ولا تنسوه، تصلح أعمالكم، وتعمر دياركم، وتسعد النفوس، ولا تسمعوا أصوات الباطل، لكن دون جدوى إنها الحرب إنها الحرب، لا مجال إلا أن يبادر الأخيار إلى إصدار صرخات الإباء والشموخ، صرخات تعيد مجرى الأمور، فلابد أن ترتفع أصوات الحق، وعندما ارتفعت وتعالت، خرس الباطل، فلم تسمع له إلا همسا، ثم يقطع ذلك الهمس لأنه في باطل، والباطل زائل، والحق ثابت من حيث هو حق، وهو الغالب، والثابت وإن قل صاحبه، وغيره زائل وإن كثر عشيره. إذن لترتفع أصوات الحق حتى يكنس الباطل ويزول، إذن لترتفع أصوات الحق، لأنها الحياة، و هكذا هي حياة كما يجب أن تكون.