لحظات تأمل
السفر الى خارج الوطن يفيد الاطلاع على ثقافات الشعوب، و يساعد على نقل الثقافات بين الشعوب، وقد يؤدي الى تلاقح الافكار. ولعل تحفيز الشباب نحو السفر لغرض الدراسات او الاشتراك في المؤتمرات، او الدخول في دورات العلمية او الثقافية، ينعش الأفكار ويحرك خزين الملومات وإظهارها، فضلا عن الاطلاع على ثقافات الشعوب، ومن ثم الاقتداء ببعضها وفق ما تسمح له العادات العربية والعرف الاسلامي، وفعلا عندما يعود المسافر من اية دولة عربية او اجنبية نلاحظ عليه كثرة الحديث عن ثقافة البلد الذي زاره وعادات أهله وأعرافهم، فيبدأ حديثه في وصف نظافة الشوارع وكثرة الخضرة وجمال الطبيعة ، ووفرة الهواء الصحي، ولطف معاملة الناس، واهتمامهم بتحسين وضعية بلدهم .. ثم يتحدث لجلسائه واحبابه وأصدقائه، انه كيف احترم قوانين ذلك البلد، وكيف تعامل بكامل اللياقة مع كل صغيرة وكبيرة من مفردات يومياته. أما كلامه فأصبح دافئاً لا ينطق إلا ما هو جميل ولطيف، وتصرفاته باحسن ما يكون وكأنه ولي من اولياء، فيكون متسامحا، كريما، نزيها، لايقوى على فعل القبيح الذي يؤذي الاخرين و احتراما لمشاعرهم، والاكثر من ذلك انه ينصح كل من يزوره او يلاقيه ان يسافر ليطلع على ثقافات الشعوب.
وللاسف الشديد ما ان يضع قدميه على ارض الوطن، نسى ما اكتسبه في الايام الماضية من سلوكيات وعاد الى ما كان عليه، فانتهت ثقافته، وظهر على افعاله الضجر والانزعاج من اي التزام او قانون يهتم باحترام مصالح الآخرين ومشاعرهم، واول كلام تسمعه منه، يقول ( هم رجعنه للدوخة) ثم يبدأ بالتصرفات غير اللائقة، وصار يرفض كل شئ ..
للاسف اقول وانا اتحسر على الذي يحصل والذي يحدث من تصرفات بعضنا، كيف يحترم قوانين وضعت لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا، ونرفض قوانين وأعراف تتناسب مع ما يلائمنا، ويهتم بتنظيم واقعنا اليومي. فالمرجو منا أن نتعلم ونستفيد من الاخرين ما ينهض بنا ويساعدنا في القضاء على ما يعيق رقي هذا الوطن وتقدمه، والتأمل ومراجعة النفس فيما نقدمه لخدمته، والنظر إليه بعين الاحترام واللياقة، واطاعة القوانين، وتطبيق الاوامر بهمة عالية، والرجوع الى سلوكياتنا واخلاقنا واعرافنا، وان يتزاحم الجميع لتحمل المسؤلية ، وعندها ستكون الأحلام حقائق، وتصبح الصور السوداء، ملونة تحمل جميع الالوان.