سلاح العولمة ضد المراهقات
يستمد الذكور والإناث في المجتمع العربي عموماً والعراقي خصوصاً معالم النقاء الروحي والفكري في فترات عمرية مختلفة من المجتمع الذي يتعايشون فيه ويتعرضون لرسائله الإعلامية والتربوية والدينية وغيرها، وتعد الشاشة الصغيرة التلفاز من أخطر الرسائل التي تؤثرا سلبا أو إيجابا في واقع المراهقون والمراهقات وفكرهم، وبرامجه ومسلسلاته المعروضة تعد أدوات فعالة لغرس قيم وثقافات الشعوب المختلفة في قلب وأفكار أبناء المجتمع المسلم من خلال أسلوب الجذب والإقناع والاستمالة لأجل المتابعة، ولا خلاف أن صناعها هدفهم مادي بحت، وقد أثر مستوردو تلك البضاعة الفكرية السيئة الصيت والنوع أيضاً في واقع فتياتنا، وقد أظهرت العديد من النظريات بينها (الغرس الثقافي) مخاطر التعرض للبرامج التلفزيونية عبر بحوثها: ( مداومة التعرض للتلفزيون ولفترات طويلة ومنتظمة تنمي لدى المشاهد اعتقاداً بأن العالم الذي يراه على شاشة التلفزيون إن هو إلا صورة للواقع للعالم الواقعي الذي يعيشه) .
وفترة الإجازة الصيفية هي أكثر الفترات خطورة على الفتيات بحكم وجود أوقات فراغ لديهن في المنزل، إضافة إلى مخاطر أخرى من جراء المتابعة المستمرة إلى حين الموسم الدراسي، ومن هذه التأثيرات التي لا تحمد عقباها:
انخفاض المستوى الإيماني والفكري
سلخ الأفكار الإيمانية من العقلية المسلمة، بات يقلق المعنيين من رجال الدين والمفكرين العارفين فالفتيات المسلمات هن أمهات المستقبل والمربيات الفاضلات في المجتمع، ولا بد من حمايتهن فكرياً وتحصينهن من أي فكر دخيل يبعث على تراكم السلوكيات والقيم اللا أخلاقية في ذاتهن، ولا شك إن انبثاق موجة المسلسلات والبرامج التلفزيونية ذات الصبغة الأجنبية أو غيرها والبعيدة عن تقاليد المجتمع العربي وسلوكياته الأثيرة اثر في واقعهن الإيماني.
والحزين في الأمر أن هذه المسلسلات المتدنية الفكر التي ليس فيها هدف ديني أو مجتمعي تربوي يعتني بتنمية سلوكياتهم الدينية أو يحفز الأخلاقيات الكريمة في ذات المراهق أو المراهقة، لذا فان الانجذاب من قبل المراهقات لتلك المسلسلات أصبح كبيراً وقد اعتدن على الإدمان في المتابعة اليومية لها، وانخفض مؤشر الوعي الديني إلى حد كبير لديهن، بحيث قل الالتزام لدى بعضهن في أداء الفروض اليومية الصلوات في أوقاتها في فترة عرض تلك المسلسلات، بالإضافة إلى ترك قراءة القران الكريم، والأدعية المباركة التي تحصن النفوس من الوقوع في مصائد الشيطان اللعين نتيجة الانشغال بالمشاهدة. لذا حذر المرجع الأعلى السيد علي السيستاني(دام ظله) الأباء والأمهات من ترك الأبناء دون رقابة وإتاحة الفرصة لهم لمشاهدة تلك المسلسلات، فعندما سئل سماحته(دام ظله) ما هي نوعية البرامج والأفلام التلفزيونية التي يحرم على الوالدين ترك أبنائهما يشاهدونها؟
الجواب: ( كل ما ينافي تنشئتهم نشأة دينية صالحة مما يتضمن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ونشر الأفكار الهدامة و الصور .. المثيرة للشهوات الشيطانية وكل ما يو جب الانحطاط الفكري والخلقي للمشاهد) ، والمؤشرات التربوية بينت تدني المستوى العلمي أيضاً بين صفوف الطالبات، وقد أظهرت الدراسات الاجتماعية الحديثة من مخاطر هذه المسلسلات الدخيلة الفكر على المجتمع في دراستها: ( إن هذه المسلسلات تعتمد إلى تسليط الضوء على المواضيع (العاطفية والاجتماعية)، وهذا مما يجعل من هذه المضامين نمطاً مقبولاً لدى الجمهور، بحيث إنها تقدم بشكل جذاب وبأسلوب مشوق موضوعات مختلفة منها العلاقات المشبوهة، إضافة إلى بعض القيم مثل: الانتقام – الغيرة – الحسد- المغامرة- الفساد الأخلاقي) .
التأثير في استثمار الوقت
قضاء الفتيات معظم وقتهن الثمين في الجلوس أمام شاشات التلفاز لمشاهدة البرامج والمسلسلات المخلة بالمواريث العربية، أثر سلباً في سبل استثمار ذلك الوقت، وهن معنيات باستثماره بشكل سليم، فقد أوصى بذلك النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في قوله: (بادر بأربع قبل أربع: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك) . لذا فإن الأسرة المسلمة والعربية مطالبة بمراعاة تنظيم الوقت لأبنائها وبالأخص الفتيات من خلال حثهن على العمل في ورش للخياطة والمنسوجات اليدوية، وكذلك المطالعة المعرفية النافعة، ولا بأس من تحديد أوقات لمشاهدة بعض البرامج التلفزيونية الهادفة في ظل رقابة أبوية مستمرة لكي لا يهدر الوقت فيما ليس فيه نفع يذكر.
التأثير في الشخصية والهيئة:
تستحوذ الألوان والصور والشخصيات المنمقة بزيها في المسلسلات على أفكار بعض الفتيات في سن المراهقة وعلى ذوقهن الخاص في انتقاء الملبس أيضاً، حيث عمدت الكثير منهن إلى أسلوب التقليد والمحاكاة لما شاهدنه من زي الممثلات في هذه المسلسلات والتي غالباً ما تحمل طابعاً غربياً في الأفكار، فزي الشخصيات النسوية والممثلات على الأغلب هو غير شرعي، وهذا قد اثر بشكل كبير في فتياتنا المسلمات فعمدن إلى تقليد موضة زيهن بذريعة أنها موضة شبابية معاصرة أو غيرها من الذرائع الواهية. وقد عمدت بعض الفتيات إلى خلع الحجاب الشرعي الذي هو فرض واجب على الفتاة المسلمة، وقد حذر من ذلك التقليد الأعمى للزي المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) عندما سئل عن حكم من تزين بزي الأجانب في الغرب من ناحية الملبس وغيرها؟
الجواب: الأحوط وجوباً ترك التزين بزي الكفار .
وبين الباحث النفسي هاني علاوي ردام/ ماجستير صحة نفسية / مركز المعرفة للإسناد الأسري رأيه في ذلك:
هناك بعض الطرق المناسبة التي يجب أن يتبعها الآباء لمساعدة أبناءهم وخاصة بالفتيات في مرحلة المراهقة للتخلص من إدمان مشاهدة البرامج والمسلسلات التلفزيونية ومن هذه الطرق:
وضع جدول لمشاهدة البرامج أقصاها أربع ساعات تقسم فترات المشاهدة، تحديد المسلسلات والبرامج المناسبة للمشاهدة مع مناقشة السلبي والايجابي فيها وتوضيح ما مدى التأثير السلبي لهذه البرامج والمسلسلات، مع مراعاة عدم استخدام القسوة والإجبار للامتناع من مشاهدة التلفاز مع الآباء، مع عدم الانتقاد بشكل مباشر للبرامج التي يتم مشاهدتها. يجب مراعاة مرحلة المراهقة وكيفية التعامل معها بالتفاهم والتقارب الايجابي، مع ممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية أو المنزلية للابتعاد عن مشاهدة التلفاز.