كلمة الأمين العام للعتبة الكاظمية المقـدسة في مهرجان أم أبيها "عليها السلام" لتكريم الطالبات الجامعيات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين ..

السلام على ريحانة رسول الله الراضية المرضية سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ورحمة الله وبركاته

السلام على الإمامين الهمامين موسى بنِ جعفرٍ الكاظمِ ومحمدِ بنِ عليٍّ الجوادِ ورحمة الله وبركاته..

السلام عليك يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ هذا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فيهِ ظُهُورُكَ وَالْفَرَجُ فيهِ لِلْمُؤْمِنينَ بين يَدَيْكَ وَقَتْلُ الْكافِرينَ بِسَيْفِكَ وَاَنَا يا مَوْلايَ فيهِ ضَيْفُكَ وَجارُكَ وَاَنْتَ يا مَوْلايَ كَريمٌ مِنْ اَوْلادِ الْكِرامِ وَمَأْمُورٌ بِالضِّيافَةِ وَالْاِجارَةِ فَاَضِفْني وَاَجِرْني صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلى اَهْلِ بَيْتِكَ الطيبين الطّاهِرينَ..

الحضور الكريم بناتنا العزيزات.. الأمهات الفاضلات.. السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..

ما زلنا نعيش الأجواء الروحانية ونحن نستنشق عبق ذكرى ولادة سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام التي من أرضاها فقد أرضى الله ومن أسخطها فقد أسخط الله.. فمن هذه البقعة الطاهرة نرفع إلى مقام صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى المرجع الديني الأعلى الإمام السيستاني دام ظله الشريف وإلى مراجعنا العظام والعالم الإسلامي وإليكم أيها الحضور الكريم أزكى التهاني وأسمى التبريكات بهذه الذكرى العزيزة على قلوبنا لأنها تخص عنوان الطهر والعفاف تلك الشخصية التي كانت وما زالت المثل الأعلى لنسائنا  ابتداءً من وقوفها بجانب أبيها لنصرة الإسلام ونشر الرسالة والدفاع عن النبوة وانتهاءً بنصرة الحق والدفاع عن الإمامة وما بينهما هو حفاظها على الحجاب والستر والتربية الصالحة والدعوة المستمرة إلى العفة وصون المرأة الأم والأخت والزوجة والبنت كما أمر الله تعالى.. فالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هي أنموذج حي قدّمته الرسالة الإلهية للمرأة لتكون قدوةً وأسوةً للفضائل والقيم الإنسانية، فهي نسخة ناطقة بتعاليم الوحي الإلهي نشأت وترعرعت في بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي والتنزيل فأصبحت صِدّيقة لا تفعل غير الحق، ولا تتبع سوى الهدى.. فحريّ بنا أن نقتدي بالسيدة الزهراء البتول عليها السلام، وأن نجعل سيرتها خارطة طريق لنا بعد أن تجسدت فيها المُثل العليا فكراً ومنهجاً وسلوكاً.. ولا يخفى عليكم أيها الحضور الكريم أنها تستحق منا ان ندخل السرور على قلبها المفجوع ومن مصاديق إدخال السرور هو اجتماعنا اليوم بجوار الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام في (مهرجان أم أبيها الأول) فبعد أن ولدت فكرة هذا المشروع تم التنسيق مع المؤمنين الأفاضل الذين لهم رغبة دائمة في دعم الشباب وطلبة الجامعات فاستمر التنسيق مع الجامعات برؤسائها ومسؤولي النشاطات فيها للحصول على أسماء بناتنا الطالبات العزيزات ممن يرتدين العباءة الزينبية وهو دليل على حرص بناتنا الكريمات على إحياء التزام السيدة الزهراء عليها السلام بتعاليم دين الله الإسلام من خلال ارتداءهن العباءة وبعد التواصل المستمر تم تزويدنا بأسماء الطالبات العزيزات في الجامعات الحكومية ولأهمية الموضوع وخصوصيته الكبرى والتشجيع عليه تم شمول بعض الكليات الأهلية.

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)

نستشعر من هذه الآية أمرين: أولهما مكانة المرأة في الإسلام تصل إلى درجة الخشية عليها من الأذى بعد تعرضها إلى عيون من في نفسهم مرض والامر الثاني عدها الله تعالى مع نساء النبي إذ بدأ بهن وانتهى بكن في الأمر بالحجاب والنهي عن التكشف والتبرج.. ولكن مما يؤسف له تعرض مفهوم الحجاب إلى التشويه من خلال التقليل من شأن العباءة وتمييع الحجاب تدريجيا للوصول إلى حجاب يحاكي الملبس النسوي المنتشر في بلاد الغرب بإبراز مفاتن المرأة حتى وإن كانت محجبة ظاهريا فأصبح بعض الحجاب فارغ المحتوى وبعيدا عن ما أراده الله تعالى من الستر والحياء ولا يحقق الهدف منه وهذا ما يصبوا إليه أعداء الإسلام وهو استهداف نصف المجتمع بل كل المجتمع بضربة واحدة إلى المرأة.. تلك المدرسة التي إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.

بناتنا العزيزات.. لا بد من إلفات أنظاركن إلى أن هناك نوعين من الحجاب ان صح التعبير أولهما الحجاب الظاهري وهو الحجاب المعروف الذي أمر الله عز وجل الفتيات والنساء بالالتزام به وهو ستر البدن أمام الرجال غير الزوج والمحارم.. ولكن هناك حجاب مهم ومكمل للحجاب الظاهري وهو الحجاب الباطني: والمقصود به عفة الجوارح وصونها وهو ما يحجب الانسان عن الذنوب والمعاصي وكل ما يسخط الله والتزام العفة والحشمة وغض البصر وحفظ السمع وصون اللسان عن الفحش والغيبة والالتزام بالسلوك المتزن والأدب في داخل البيت وخارجه، فكل من الحجابين مكمل للآخر، ولا معنى للحجاب الحقيقي إلا بمراعاتهما معاً.
لذلك شدد أهل البيت عليهم السلام على مسألة الحجاب والعفاف وعدم الاختلاط روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم  أنه قال : (من صافح امرأة حراما جاء يوم القيامة مغلولا ثم يؤمر به إلى النار ومن فاكه امرأة لا يملكها [حبسه الله] بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام ).. وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (وَاكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ) ومن هذه الرحاب الطاهرة نوصي بناتنا الكريمات وعوائلهن بالآتي:

إن ضياع وفقدان الهوية هو من أخطر الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، لأنه المرض الذي يهدم الكيان والشخصية والخصوصية، بل هو في الحقيقة انهيار لكل القيم السائدة في المجتمع، وضياع  هوية الإسلام هو في الواقع فقدان القيم الإلهية وانفصام العروة الوثقى التي لا هداية بعدها.. فحذاري من ذلك كله.. كما نؤكد على مراعاة الأمور الشرعية فيما يخص الاختلاط في الجامعة أو الشارع والالتزام بالحجاب الحقيقي الشرعي وليس الحجاب المشوه المفرغ من قيده الشرعي كما نوصي أولياء الامور وخاصة الامهات الفاضلات أن يقوموا بواجبهم تجاه تشجيع بناتهم بارتداء الحجاب الشرعي..

الحضور الكريم.. من دواعي فخرنا ومبعث سرورنا أن نرى أميرات عفيفات يرتدين العباءة الفاطمية الزينبية في هذه الرحاب القدسية الطاهرة والتي تضفي عليهن هيبة ووقارا وإننا ماضون إن شاء الله تعالى في دعم الحجاب والتشجيع عليه بكل الامكانيات المتاحة لأنها تصب في رضا الله ورضا رسوله وأهل بيته ورضا السيدة الزهراء صلوات الله عليهم اجمعين.

وقبل الختام أتوجه بالشكر الجزيل والثناء الجميل إلى الأخ وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وممثله الأستاذ الدكتور إيهاب وإلى رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمعاهد وممثلي النشاطات الجامعية لحضوركم المبارك هذا الذي يدل على عالي اهتمامكم برمزية سيدة نساء العالمين بجهودهم في مهرجان أم أبيها والشكر الى الجنود المجهولين من المتطوعات وخدام العتبة المقدسة لجهودهم المبذولة في إحياء هذا الرمز الفاطمي الزينبي والشكر موصول إلى الاهالي وأولياء الامور لحرصهم على نشر الحجاب والعفاف والحفاظ على ارتداء العباءة لإيصال رسالة أن العباءة لا تعيق تقدم المرأة أبدا، وتذكروا أن العباءة تاج.. ومكان التاج على الرؤوس وليس على الاكتاف وما أبشع المَناظر التي تَحدث في هذا العصر من تبرج وسفور وتمييع للحجاب وما أخجلنا أمام صاحب العصر والزمان الذي لا بد أن نستحضره في حركاتنا وسلوكنا بل وحتى في دعائنا فلنرفع أكفنا إلى الله تعالى بدعاء تعجيل الفرج اللهم صل على محمد وآل محمد (اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ في هذِهِ السّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً برحمتك يا أرحم الراحمين).. والحمد لله أولا وآخرا وصلواته وسلامه على رسوله وآله دائما سرمدا والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.