استمرار حملة الاعمار في جامع الجوادين

تعتبر المساجد من المراكز المهمة لإعلاء شعائر الدين الحنيف وبذلك فإن النبي ص عند دخوله المدينة المنورة بنى مسجدا للمسلمين ليكون مركز إشعاع للرسالة المحمدية السمحاء، ولم شمل جميع المؤمنين. وفي عراقنا الحبيب الكثير من المساجد المنتشرة في مدنه كافة، ومنها هذا الجامع الذي مضى على بنائه 572 عاما، حيث يمتاز باتساعه الكبير، إذ تبلغ مساحته (2100م2) بعرض (60م) وبطول (35م) تتوسطه (66) ركيزة ذات قواعد متينة منحته جمالية أبهى ورونقا أزهى. أما بالنسبة إلى موقعه فإنه يقع في الناحية الشمالية للروضة المطهرة. تم بنائه عام (926هـ) الموافق (1438م) من قبل الصفويين أبان فترة احتلالهم للعراق لذلك جاءت تسميته السالفة باسمهم وقد زين بنقوش عديدة وبآيات قرآنية كريمة تعلو معالمه، ولغرض الحفاظ عليه وإعادة صيانته، فقد كرست الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة جُلَّ اهتمامها بهذا الجامع باعتباره لا يقل أهمية عن باقي الجوامع الأخرى من حيث المساحة الواسعة وتاريخ البناء وعمارته الإسلامية الرائعة، فقد أوعز أمينها العام الحاج (فاضل الأنباري) وفق توجيهات سماحة السيد صالح الحيدري رئيس ديوان الوقف الشيعي(دام عزه) بتأليف لجنة مختصة للقيام بصيانة الجامع المذكور وإظهار معالمه على أحسن وجه بما يتناسب وموقعه وقدسيته،حيث أوكل إلى قسم الشؤون الهندسية التابع للعتبة الإشراف على أعمال صيانة وترميم هذا الصرح، وذلك لأهمية الكبيرة حيث جندت كل الطاقات لإعادة صيانته وإظهار معالمه على أتم وجه ..   علماً بأن العمل ليس وليد هذا اليوم وإنما كانت بداية تنفيذه مطلع شباط عام (2010م) بعد أن تم إجراء المسوحات اللازمة والرسوم الهندسية وعلى ضوئها تم وضع التصاميم اللازمة لهذا المشروع حيث أن العمل جارٍ في الموقع ككل، سواء في الحرم والسطوح والقباب وكذلك في الأواوين والأروقة والصحن والأبواب. ​ ​وعند الكشف الموقعي للمبنى تبين أنه يعاني من تسرب المياه الجوفية إلى الأرض وتغلغلها داخل الأعمدة والجدران حتى بلغت السقوف، وكان لعمليات الترميم الخاطئة وغير المدروسة التي أجريت على الجامع خلال عقد الثمانينات والتي أدت إلى طمس الكثير من المعالم التاريخية والمعمارية للجامع، وكذلك القيام بردم جميع الأنفاق والممرات الهوائية الأرضية، وصب هذه الأرضيات بمادة الاسمنت وبسُمك، (35 سم )،ما أدى إلى انحباس الرطوبة وتغلغلها داخل البناء . وقد خطط لعمليات الإعمار أن تكون على مراحل عدة بحيث لاتؤثر على بقاء الجامع مفتوحاً للزائرين والمصلين، وكل مرحلة لها سقف زمني محدد، وكانت المرحلة الأولى هي إعادة فتح الأنفاق وحفر القنوات بعمق  (150سم )، وعرض ( 75سم )، بحيث تقوم هذه الأنفاق بتهوية التربة وتخلصها من الرطوبة، وكذلك تم الاستفادة من هذه القنوات بتنظيم أنابيب المجاري الخاصة بماء الغسل، ومد الأسلاك الكهربائية التي وضعت بأنابيب خاصة بها، وتم الانتهاء من هذه المرحلة وعلى جميع مساحة أرضية الجامع . ومن الأمور المهمة التي اعتمدتها اللجنة في عملية الترميم والصيانة كانت ضمن المواصفات والمعايير الدولية التي تنص عليها اتفاقيات وقوانين منظمتي اليونسكو والأيكو للحفاظ على الآثار، حيث تم التوجيه بإعادة الترميم بنفس المواصفات القديمة وبنفس النمط القديم، وإن المرحلة الأولى من المشروع قد تم إنجازها والعمل جارٍ في المرحلة الثانية .. وقد تبين لنا بصورة جلية بأن يد العمران لم تمتد الى هذا الجامع في زمن رئاسة ديوان الأوقاف خلال رؤسائها (سامي باش عالم وحبيب الفتيان ونافع قاسم حمادي) وكذلك الحال في فترات وجود وزارة الأوقاف في عهود كل من (الدكتور أحمد عبد الستار الجواري ونوري فيصل شاهر الحديثي وعبد الغني عبد الغفور وعبدالله فاضل عباس السامرائي وعبد المنعم أحمد صالح) وإن كل ما تم هو تعرض الجامع في تلك الفترات الى عملية ترميم عشوائية وغير مدروسة أدت الى طمس الكثير من معالمه وفتح معلم جديد لا صلة له بالمعلم الأصلي من عناصر معمارية تقليدية دقيقة لذلك تولت اللجنة القيام بإعادة هذه العناصر المعمارية القديمة وإزالة كل العناصر المعمارية المضافة الى الجامع. ​